تفاوت أسباب الوفاة ما بين طبيعي وغير طبيعي لا علاقة له بقرب الشخص أو بعده من الله.. وبالنتيجة فطريقة الوفاة لا تدل على قدر الشخص أو غير ذلك...

أُضيف بتاريخ الأثنين, 26/09/2011 - 11:05

المرسل: zaynab \أيلول\21\2011م

بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي الشيخ الفاضل الموقر
يحصل ان يموت الشخص (ذكر أو أنثى) غرقاً أو حرقاً أو متفجراً فيصبح أشلاء صغيرة متطايرة وبالمقابل يحصل ان يموت المرء (ذكر أو أنثى ) مستلقياً على فراشه من حيث لا يعلم ..السؤال هو هل هناك فرق بين حساب هذا الذي مات على فراشه وذاك الذي مات حرقاً أو غرقاً ؟ وهل الذي مات على فراشه افضل ممن مات غرقاً ؟ وهل يعد الذي مات غرقاً أو حرقاً كافراً أو عاصياً لله فمات هذه الميتة المُعَذِّبَة له ولجسده؟
ودمتم بخير يا سيدي الشيخ الفاضل ودمتم ذخراً لنا ننهل من معارفكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 1
الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين.

الأخت المحترمة زينب تحية طيبة وبعد.

  تفاوت أسباب الوفاة ما بين طبيعي وغير طبيعي لا علاقة له بقرب الشخص أو بعده من الله، فهذه الكيفيّة الهادئة لا تدُلّ على طاعة الشخص، وتلك الكيفية المُؤلمة لا تدل بالضرورة على المَعصية، فهذه قضية غَيبيَّة لا يَعلمها إلا الله سبحانه وتعالى. والدليل على ذلك:

  ما جرى لقنبر بن كادان الدوسي غلام مولانا أمير المؤمنين عليه السلام على يد الحجاج وبأمر من الوليد بن عبد الملك حين قال لجلاوزته: أحبّ أن أصيب رجلاً من أصحاب أبي تراب. فقالوا: ما نعلم أحداً أطوَل صُحبة له من مَولاه قُنْبُر، فبعث في طلبه, وقال له: أنت قنبر؟ قال: نعم.
قال: إبرأ من دين علي.
فقال: هل تدُلّني على دينٍ أفضل من دينه.
قال: إنّي قاتلك, فاختر أي قتلةٍ أحبّ إليك.
قال: أخبرني أمير المؤمنين أنّ ميتتي تكون ذبحاً بغير حقٍ. فأمر به فذُبِحَ كما تُذبح الشاة.

  وأمّا كميل فقد طلبه الحجّاج, فهرب منه, فحَرَمَ قومَه عطاءهم, فلما رأى كميل ذلك قال: أنا شيخٌ كبير, وقد نفذ عُمري, ولا ينبغي أن أكون سبباً في حرمان قومي, فاستسلم للحجّاج, ولمّا رآه قال له: كنتُ أحِبُّ أن أجد عليك سبيلا.
فقال له كميل: لا تبرق ولا ترعد, فو اللهِ ما بقي من عمري إلا مثل الغبار, فاقضِ, فإنّ المَوعدَ لله عز وجل, وبعد القتل الحساب, ولقد أخبرني أمير المؤمنين أنّك قاتلي.
فقال الحجّاج: الحجّة عليك إذن, فقال: ذاك إن كان القضاء لك. فقال: بلى اضربوا عنقه.

  وأمّا سعيد بن جبير فأخذه خالد بن عبد الله القسري, وأرسله إلى الحجّاج فلما رآه قال له: أنت شقي بن كسير. فقال: أمي أعرف باسمي منك.
فأمر الحجاج بقتله, فقال سعيد: ﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾
فقال الحجاج: شدّوه إلى غير القبلة.
فقال: ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه ﴾
فقال كبّوه على وجهه.
قال: ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ ﴾ , ثم ضُرِبَت عنقه.

  ولا يخفى كيف قتل محمد بن أبي بكر بأمر من معاوية حيث قتله معاوية بن خديج وأدخله في جوف حمار, وأحرقه حياً.

ومن منا لا يعرف قدر هؤلاء الأجِلاء الذين لهم القدح المُعَلى في الإسلام والإيمان، فطريقة الموت لا تدل على صاحبها، بل يدلّ عليه سلوكه في الحياة وطاعته أو عدم طاعته لله.

  وهناك الكثير من النصوص للمعصومين تخبر عن تعسير خروج روح المؤمن، والعلة في ذلك كما أبانوا: تمحيصهم من الذنوب حتى يلاقوا الله طاهرين مُطَهّرين، وكم سمعنا بأشقياء كانت وفاتهم طبيعية، وبالنتيجة فطريقة الوفاة لا تدل على قدر الشخص أو غير ذلك. فماذا نقول بالجندي المؤمن الذي يستشهد دفاعاً عن وطنه وقضيته، ويكون سبب استشهاده انفجار لغم به حَوَّلَهُ إلى أشلاء مُبعثرة، أو الاستشهادي، إلى أخر ما هنالك.

  ونحن حين نُصَلّي على الجنازة الحاضرة فنقول عقيب التكبيرة الرابعة:
اللهم إنّ هذا المسجى أمامنا، عبدك وابن عبدك وأمتك، نزل بك وأنت خير منزول به، فهو مُفتقر إلى رحمتك، وأنت غنيٌّ عن عذابه، ونحن لا نعلم عنه شيئاً، وأنت أعلمُ به مِنّا، فإن كان مُحسناً فزِد في حسناته، وإن كان مُسيئاً فتجاوز عن سيئاته.... والله يتولى السرائر، إذاً فنحن نُحيل حُكمَهُ الغَيبيّ إلى الله، ونَشهدُ بما نَعلمُ، بغض النظر عن كيفيّة أسباب الوفاة .

  والحمد لله رب العالمين.

حسين محمد المظلوم
22\9\2011