الآداب والأخلاق العلوية ما بين السائل والمُجيب

أُضيف بتاريخ السبت, 07/05/2011 - 07:14

المرسل: أبو اسكندر \ 04\05\2011م

بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي الفاضل الشيخ حسين محمد المظلوم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
في تقديمنا لـ (أنت تسأل والشيخ العلوي يُجيب) وبعد أن بيّنا أهدافنا من الموضوع دعونا إلى طرح السؤال وتمنّينا على السائل بعض الأمور ومنها ما يلي:
نرجو أن تكون أسئلتكم محترمة مثلكم وسنهمل ما كان منها عبثياً أو خارجاً عن الأصول والآداب ..
ومع هذا ترد إلينا بعض الأسئلة التي أهملت رجاءنا هذا وقلنا لمرسليها أن يعيدوا صياغتها بطريقة لائقة حتى نوجهها للشيخ فيجيب عليها..
ولأننا في نشأتنا وتربيتنا حسب النهج الإسلامي العلوي الأصيل تعلّمنا أنه على السائل أو طالب العلم والمعرفة أصولاً وآداباً يجب أن يلتزم بها حينما يسأل أو يطلب العلم أو يُخاطب العلماء..
لهذا أسألكم سيدي الكريم وحتى تعمّ الفائدة، أن تبيّنوا لنا تفاصيل هذا الأمر (آدابه، محظوراته، أصوله، كيفيّته...إلخ) ؟ مع تأييد كلامكم -بعد إذنكم- من القرآن الكريم وكلام المعصومين (ع) ولكم كل الشكر والتقدير.. 1
أخوكم الأصغر
أبو اسكندر

الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله

الأخ الفاضل أبو اسكندر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  أدبُ الدين قبل الدين فمن لا أدبَ له لا دينَ له، فقد قدّم الرسول صلى الله عليه وآله الأدبَ -وهو الفرع- على الدين -وهو الأصلُ- لأهميته لا لأفضليته، والآدابُ الدينية كثيرة ومن جُملتها: أدب السائل مع المسؤول لتحصل الفائدة المَرجُوّة من طلبِ العلم للعمل به.

  يجب أن يكون طالب العلم متواضعاً في طلبه، راغباً به، واثقاً من المسؤول، مُحترماً له، وعليه أن يُخاطبه بكل أدبٍ واحترامٍ وهدوءٍ، ولا يرفع صوته في وجهه، ولا يستفسر إلا عن الأمور الغامضة، ولا يسأل إلا عمّا غَرُبَ عليه ويستطيع فهمه، وإذا أردنا استجلاء هذه الشروط بصورة جامعة فما علينا إلا قراءة: رسالة الحقوق للإمام علي سيد العابدين عليه السلام حيث يقول:

وأما حق سائسك بالعلم: فالتعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه والإقبال عليه، والمعونة له على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم، بأن تفرغ له عقلك وتحضره فهمك وتزكي له قلبك وتجلي له بصرك بترك اللذات ونقص الشهوات، وأن تعلم أنك فيما ألقى إليك رسوله إلى من لقيك من أهل الجهل فلزمك حسن التأدية عنه إليهم، ولا تخنه في تأدية رسالته والقيام بها عنه إذا تقلدتها ولا حول ولا قوة إلا بالله.

  هذا الحق المقدس من الواجبات الإيمانية لما فيه من تعظيمٍ لأهل العلم والمعرفة الذين هم ورثة الأنبياء، فحق العالم أن يُعظَّم ويُوَقر لأنه أهلٌ لذلك، وله حق الاستماع لأنّ ما يُلقيه إلى طالب العلم سببٌ لنجاته وجوهر حياته، فعلى الطالب أن يُعينَه على نفسه كي يُكمّلها بالمعارف، وأن يُفرّغ له قلبه كي يستضيء بالجواهر، وينصت إليه ويصغي لقوله ولا يلتفت عنه، وأن يحفظ حقه ويُمثله خير تمثيل ولا يَخون الأمانة التي ائتمنه عليها، وأن يُرجع الفضل بَعد الله له، فهو سبب خلاصه وفاتحة إخلاصه، فمن لم يعظم أهل الفضل فليس منهم لأنهم الأدلاّء على الله وسُفرائه بعد الأنبياء في خلقه.

  ومن الأمور الواجب ذكرها في هذا السياق: وجوب اختيار الأصلح للإرشاد، وميزان ذلك قول الإمام الصادق عليه السلام: (خذوا بعلمائكم ما داموا زاهدين في الدنيا، فإذا رغبوا بها، فاضربوا بهم عرض الحائط). لأنّ هذا المقام فِرع الولاية والإمامة التي لا ينالها الظالمون، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فوجب الرجوع إلى أهل الصلاح والإصلاح.

والحمد لله رب العالمين.

حسين محمد المظلوم
6\5\2011