رد المتشابه إلى المُحكم: فما المحكم؟ وما المتشابه؟ وما الفرق بينهما؟ وكيف نعلم أن المتشابهَ متشابهٌ، وأن المحكمَ محكمٌ ؟

أُضيف بتاريخ الأثنين, 16/05/2011 - 13:21

المرسل: zaynab \أيار\11\2011م

بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
أما بعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سيدي الشيخ حفظكم الله ورعاكم وسددكم بجنود لم تروها بحق العلي الاعلى ..
حرصاً منا على ان لا يكون منهلنا إلا من المعين العلوي الصافي فنسأل شيخنا الفاضل حفظه الله السؤال التالي .......
سيدي العلامة الشيخ حسين المظلوم ذكرتم في معرض ردكم على الأخت (علوية حتى النخاع ) اننا يجب أن نرد المتشابه الى المحكم ..... ولطالما قرأنا الكثير عن هاتين المفردتين ولعل القراءات تحتاج لمن نستنير بنور عطائه ليعلّمنا كأمثالكم سيدي الشيخ ..
فما المحكم ؟ وما المتشابه ؟ وما الفرق بينهما ؟ وكيف نعلم أن المتشابهَ متشابهٌ , وأن المحكمَ محكمٌ ؟
ولكم جزيل الشكر يا سيدي الشيخ وتقبلوا فائق احترامي وتقديري لكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 1
الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله

الأخت المحترمة زينب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  المُحكم والمُتشابَه مصطلحان وردا في كتاب الله قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ﴾ [آل عمران : 7]

  فالمُحْكَم: هو ما ظهر معناه، وانكشف كشفاً يرفع الاحتمال، ويُستدل عليه بجلائِه، ووضوحِ مَدلولِه، وهو لا يَقبل التأويل الذي يَحرفُهُ عن مساره.

  والمُتشابَه: هو المُقابل للمُحكَم، ويَحتمل أكثر من معنى، لذلك فإنّ الذين في قلوبهم زيغ يتّبعونه ابتغاء الفتنة كما دلت الآية، أيّ: ابتغاء تأييد مزاعمهم الفاسدة، فيَصرفون الكلام إلى حيث ما يريدون، لا إلى حيث ما يجب أن يُصرف بما يتطابق مع المُحْكَم.

  فمثلُ المُحكم قوله تعالى:
﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة : 158] فهذه الآية واضحة الدلالة ولا تحتمل غير معناها الواضح.

  ومَثلُ المُتشابه كقوله تعالى:
﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة : 64]
فاليد تُفيد الجسمية والله تعالى مُنزّه عن ذلك، فمِثل هذه الآية تتطلب الرَدّ إلى المُحكَم الدّال على: نفي الجسم عن الباري.
فاليدان هنا: كناية عن القدرة الكاملة، وقد شرحها بعض العلماء بأنّ اليدين في هذا الموضع: دلالة إلى النِعَم المادية والمَعنوية التي أنعم الله بها على عباده، وكذكر الوجه وغير ذلك من الآيات التي توهم الجسميّة، فهذه الصفات المَنفية عن الباري تُسمى بـالصفات الجَبرية، في مصطلح المتكلمين.

فهذا معنى رد المُتشابَه إلى المُحكَم وهذا هو الفرق بينهما، والحمد لله رب العالمين.

16\5\2011
حسين محمد المظلوم