خير الدواء القرآن.. الاستشفاء بالكتاب المبين يقع على قسمين.. كيفية الاستشفاء كما ورد عن المعصومين عليهم السلام.. شروط قبول الدعاء واستحقاق الشفاء..

أُضيف بتاريخ الأثنين, 10/10/2011 - 14:29

المرسل: فاطمة 07\10\2011

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين... الحمد لله كما هو أهله...
وصلى الله على سيدنا محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حضرة العالم الجليل....
قال الله تعالى في كتابه الكريم ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا ﴾
1)كيف يستشفي الإنسان بالقرآن الكريم وهل يوجد لكل نوع من الأمراض آيات محددة أو سور محددة ليقرأها؟
2)هل يوجد شروط محددة في الشخص لكي يستحق الشفاء من الله تعالى "بالقرآن الكريم" لا سيّما أنّ الآية الكريمة حصرت الشفاء بالمؤمنين؟

وشكرا لكم سيدي الكريم...
نفّعنا الله بعلمكم ودمتم بخير إنشاء الله تعالى
والحمد لله رب العالمين 1
الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين.

الأخت المحترمة فاطمة تحية طيبة وبعد

  الاستشفاء بالكتاب المبين يقع على قسمين:

» استشفاء من أمراض العقائد الفاسدة والضلالات المردية لقول أمير المؤمنين عليه السلام: وتعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور.
وقال في موضع آخر: ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق ولكن أخبركم عنه. ألا إن فيه علم ما يأتي، والحديث عن الماضي، ودواء دائكم.
وقال عليه السلام: واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنى فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به على لاوائكم – شدتكم -، فإن فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والغي والضلال. فاسألوا الله به.
» واستشفاء من الأمراض الجسدية وغيرها من العوارض النفسية لقول أمير المؤمنين عليه السلام: خير الدواء القرآن. وفي هذا القول إطلاق.

  أما كيفية الاستشفاء فكما ورد عن المعصومين عليهم السلام، فهناك إجمال وهناك تفصيل كما سألت:

» أما الإجمال ففي قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة:186] والمؤمن الذي يدعو الله ويتوسل إليه فإنما يتوسل به وبأنبيائه وبآياته لا على وجه التخصيص، وبقدر إخلاصه وصفاء نيته تكون سرعة الإجابة وقبول الدعاء، وهناك الكثير من الأدعية للأئمة المعصومين يستطيع المؤمن بولايتهم أن يتخذها وسيلة إلى الله، قال الإمام الصادق عليه السلام: عَلَيْكَ بِالدُّعَاءِ فَإِنَّهُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ.

» أما التفصيل فهناك آياتٌ مُخصّصة لكل داءٍ أو بلاءٍ أصابَ الإنسان، فقد روى مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنِ الأصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام، أَنَّهُ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه) بِالْحَقِّ وَأَكْرَمَ أَهْلَ بَيْتِهِ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ تَطْلُبُونَهُ مِنْ حِرْزٍ مِنْ حَرَقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ سَرَقٍ أَوْ إِفْلاتِ دَابَّةٍ مِنْ صَاحِبِهَا أَوْ ضَالَّةٍ أَوْ آبِقٍ إِلا وَهُوَ فِي الْقُرْآنِ فَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلْيَسْأَلْنِي عَنْهُ.
قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْبِرْنِي عَمَّا يُؤَمِّنُ مِنَ الْحَرَقِ وَالْغَرَقِ. فَقَالَ: اقْرَأْ هَذِهِ الآيَاتِ ﴿ الله الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾ ﴿ وَما قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ إِلَى قَوْلِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى‏ ﴿ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ فَمَنْ قَرَأَهَا فَقَدْ أَمِنَ الْحَرَقَ وَالْغَرَقَ.
قَالَ فَقَرَأَهَا رَجُلٌ وَاضْطَرَمَتِ النَّارُ فِي بُيُوتِ جِيرَانِهِ وَبَيْتُهُ وَسَطَهَا فَلَمْ يُصِبْهُ شَيْ‏ءٌ.

ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ دَابَّتِيَ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيَّ وَأَنَا مِنْهَا عَلَى وَجَلٍ فَقَالَ: اقْرَأْ فِي أُذُنِهَا الْيُمْنَى ﴿ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ . فَقَرَأَهَا فَذَلَّتْ لَهُ دَابَّتُهُ.

وَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ أَرْضِي أَرْضٌ مَسْبَعَةٌ وَإِنَّ السِّبَاعَ تَغْشَى مَنْزِلِي وَلا تَجُوزُ حَتَّى تَأْخُذَ فَرِيسَتَهَا فَقَالَ اقْرَأْ ﴿ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ الله لا إِلهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ . فَقَرَأَهُمَا الرَّجُلُ فَاجْتَنَبَتْهُ السِّبَاعُ.

ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ آخَرُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ فِي بَطْنِي مَاءً أَصْفَرَ فَهَلْ مِنْ شِفَاءٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ بِلا دِرْهَمٍ وَلا دِينَارٍ وَلَكِنِ اكْتُبْ عَلَى بَطْنِكَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَتَغْسِلُهَا وَتَشْرَبُهَا وَتَجْعَلُهَا ذَخِيرَةً فِي بَطْنِكَ فَتَبْرَأُ بِإِذْنِ الله عَزَّ وَجَلَّ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ فَبَرَأَ بِإِذْنِ الله.

ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ آخَرُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنِ الضَّالَّةِ فَقَالَ اقْرَأْ يس فِي رَكْعَتَيْنِ وَقُلْ: يَا هَادِيَ الضَّالَّةِ رُدَّ عَلَيَّ ضَالَّتِي. فَفَعَلَ فَرَدَّ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ ضَالَّتَهُ.

ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ آخَرُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنِ الآبِقِ. فَقَالَ: اقْرَأْ ﴿ أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ ﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ . فَقَالَهَا الرَّجُلُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ الآبِقُ.

ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ آخَرُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنِ السَّرَقِ فَإِنَّهُ لا يَزَالُ قَدْ يُسْرَقُ لِيَ الشَّيْ‏ءُ بَعْدَ الشَّيْ‏ءِ لَيْلاً. فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ ﴿ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ قُلِ ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا ﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ﴾ .

ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلام): مَنْ بَاتَ بِأَرْضٍ قَفْرٍ فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ الله الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ ﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿ تَبارَكَ الله رَبُّ الْعالَمِينَ ﴾ حَرَسَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَتَبَاعَدَتْ عَنْهُ الشَّيَاطِينُ. قَالَ فَمَضَى الرَّجُلُ فَإِذَا هُوَ بِقَرْيَةٍ خَرَابٍ فَبَاتَ فِيهَا وَلَمْ يَقْرَأْ هَذِهِ الآيَةَ فَتَغَشَّاهُ الشَّيْطَانُ وَإِذَا هُوَ آخِذٌ بِخَطْمِهِ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ أَنْظِرْهُ وَاسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَقَرَأَ الآيَةَ فَقَالَ الشَّيْطَانُ لِصَاحِبِهِ أَرْغَمَ الله أَنْفَكَ احْرُسْهُ الآنَ حَتَّى يُصْبِحَ فَلَمَّا أَصْبَحَ رَجَعَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلام) فَأَخْبَرَهُ وَقَالَ لَهُ رَأَيْتُ فِي كَلامِكَ الشِّفَاءَ وَالصِّدْقَ.

وعنه أيضاً عليه السلام أنه قال: إذا أشتكى أحدكم عينه فليقرأ آية الكرسي وليضمر بنفسه أنها تبرأ فإنه يُعافى إن شاء الله.
ومراد المولى من قوله (فليضمر في نفسه) أيّ فليَتيَقن بالشفاء ثقةً بالله.

ورُوِيَ عنه أيضاً: إن سورة القدر فيها شفاء من وجع الظهر، وإنّ الفاتحة والمعوذتين والإخلاص فيهم شفاء من القولنج، وغير ذلك مما هو مَروي عنهم.

  أما شروط قبول الدعاء واستحقاق الشفاء فأهمّها:
» طاعة الله لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: أطيعوا الله عزّ وجل يطعكم.
» والصلاة على النبي وآله لقول أمير المؤمنين عليه السلام: أَنَّهُ قَالَ لَا تَدْعُ بِدُعَاءٍ إِلَّا أَنْ تَقُولَ فِي أَوَّلِهِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْعَلْ بِي كَذَا وَكَذَا. وَكَانَ عليه السلام يَفْعَلُ كَذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: الدُّعَاءُ مَعَ الصَّلَاةِ مَقْرُونٌ بِالْإِجَابَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى يَسْتَحِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ الْعَبْدُ حَاجَتَيْنِ يُجِيبُ إِحْدَاهُمَا وَيَرُدُّ الْأُخْرَى. ويُستحب الدعاء بعد الصدقة.
» ومُلخّص ما تقدم قول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: للدعاء شروط أربعة: الأول إحضار النية، والثاني إخلاص السريرة، والثالث معرفة المسؤول، والرابع الإنصاف في المسألة.

  والحمد لله رب العالمين

حسين محمد المظلوم
8\10\2011