تفسير الآيات الكريمات من 21 إلى 30 من سورة الفجر (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً... يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً...)... آيات الكتاب لا يجوز تفسيره إلا بالأثر الصحيح عن المعصومين..

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 03/09/2013 - 14:16

المرسل: Nana Sy في 02\09\2012م

مسا الخير, إذا ممكن في مجموعة آيات ما فهمت شو المقصود منهن فإذا في مجال تساعدوني بفهمها, لأنو بصراحة صرلي فترة عم حاول اتدبر بالقرآن وبالمعاني العميقة مو المعاني السطحية لأني بحس انو القرآن بخاطب كل انسان على حسب عقله و علمه وحدوده من العلم ودرجة هدايته وبحس في بالقرآن حجب ما بتنفتح إلا لناسها ولازم الواحد يتمعن بالقرأن ويتفكر فيه ويعرف انو الله سبحانه قادر على كل شئ حتى يوصل لهل المعاني, الآيات هي : ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً (21) وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30 ) ﴾ ( الفجر) . شكراً سلفا.. 1
الجـواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله المعصومين.

  أوضحنا في أكثر من موضع بما ورد عن المعصومين بأن آيات الكتاب لا يجوز تفسيره إلا بالأثر الصحيح.

  الآيات السابقة لهذه الآيات ذَمَّت الطُغاة المُتمردين وعبيد الدنيا المُتأكلين، وهذه الآيات التالية لها والمُتممة لفحواها تحذيرٌ وتهديدٌ بوجود يوم القيامة للحسابِ والجزاءِ، كي يَرعوي الإنسان ولا يَتمادى في طُغيانه ويَفِيء إلى أمر الله سبحانه وتعالى.

  فقد ورد في تفسير الميزان:

قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً ﴾
الدكّ هو الدق الشديد، والمُراد بالظرف حُضور يوم القيامة.
ردعٌ ثانٍ عَمّا يقوله الإنسان في حالَيّ الغِنى والفقر، وقوله: ﴿ إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ ﴾ إلخ في مقام التعليل للرّدع، ومُحَصّل المعنى ليس كما يقوله الإنسان فإنّه سيتذكرُ إذا قامت القيامة إنّ الحياة الدنيا وما فيها من الغِنى والفقر وأضرابهما لم تكن مقصودة بالذات بل كانت ابتلاءً وامتحاناً من الله تعالى، يميز به السعيد من الشقي، ويُهيّىء الإنسان فيها ما يعيش به في الآخرة، وقد التبس عليه الأمر فحسبها كرامةً مقصودةً بالذات فاشتغل بها ولم يُقَدّم لحياته الآخرة شيئاً فيتمنى عند ذلك ويقول: ﴿ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾ ولن يَصرِفَ التَمَنّي عنه شيئاً من العذاب.

  قوله تعالى: ﴿ وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ﴾
نسبة المجيء إليه تعالى من المتشابه الذي يحكمه قوله تعالى ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ الشورى: 11 وما ورد في آيات القيامة من خواص اليوم كتقطع الأسباب وارتفاع الحجب عنهم وظهور أن الله هو الحق المبين.
وإلى ذلك يرجع ما ورد في الروايات أن المراد بمجيئه تعالى مجيء أمره قال تعالى: ﴿ وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ ﴾ الانفطار: 19، ويؤيد هذا الوجه بعض التأييد قوله تعالى ﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ﴾ البقرة: 210 إذا انضم إلى قوله ﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ ﴾ النحل: 33 وعليه فهناك مضاف محذوف و التقدير جاء أمر ربك أو نسبة المجيء إليه تعالى من المجاز العقلي.
والكلام في نسبة المجيء إلى الملائكة و كونهم صفا صفا كما مر.

  قوله تعالى: ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ﴾
إلى آخر الآية لا يبعد أن يكون المراد بالمجيء بجهنم إبرازها لهم كما في قوله تعالى ﴿ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ ﴾ النازعات:36 وقوله ﴿ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ ﴾ الشعراء:91، وقوله ﴿ لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ ق: 22.

  وقوله: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ ﴾
أي يتذكر أجلى التذكر أن ما كان يؤتاه في الحياة الدنيا من خير أو شر كان من ابتلاء الله وامتحانه وأنه قصر في أمره، هذا ما يفيده السياق.

  وقوله: ﴿ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴾
أي ومن أين له الذكرى كناية عن عدم انتفاعه بها فإن الذكرى إنما تنفع فيما أمكنه أن يتدارك ما فرط فيه بتوبة وعمل صالح واليوم يوم الجزاء لا يوم الرجوع و العمل.

  قوله تعالى: ﴿ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾
أي لحياتي هذه وهي الحياة الآخرة أو المراد الحياة الحقيقية وهي الحياة الآخرة على ما نبه تعالى عليه بقوله ﴿ وَمَا هَـٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ العنكبوت: 64.
والمراد بالتقديم للحياة تقديم العمل الصالح للحياة الآخرة وما في الآية تمن يتمناه الإنسان عند ما يتذكر يوم القيامة و يشاهد أنه لا ينفعه.

  قوله تعالى: ﴿ فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ﴾
ضميرا عذابه ووثاقه لله تعالى والمعنى فيومئذ لا يعذب عذاب الله أحد من الخلق ولا يوثق وثاق الله أحد من الخلق أي إن عذابه ووثاقه تعالى يومئذ فوق عذاب الخلق ووثاقهم، تشديد في الوعيد.
وقرىء ﴿ لَّا يُعَذَّبُ ﴾ بفتح الذال و ﴿ وَلَا يُوثَقُ ﴾ بفتح الثاء بالبناء للمفعول و ضميراً عذابه ووثاقه على هذا للإنسان، والمعنى لا يُعَذَّبُ أحدٌ يومئذ مِثل عذابِ الإنسان، ولا يُوثَقُ أحدٌ يومئذٍ مِثلَ وثاقه.

  قوله تعالى: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾
الذي يُعطيه سياق المقابلة بين هذه النفس بما ذكر لها من الأوصاف وعَيّن لها من حُسن المُنقلب، و بين الإنسان المذكور قبل بما ذكر له من وصف التعلق بالدنيا والطغيان والفساد والكفران، وما أُوعد من سوء المصير هو أنّ النفس المُطمئنة هي التي تَسكُن إلى ربّها و ترضى بما رَضِيَ به فترى نفسها عبداً لا يَملك لنفسه شيئاً من خيرٍ أو شرٍ أو نفعٍ أو ضرٍ، ويرى الدنيا دار مَجازٍ و ما يستقبله فيها من غنى أو فقر أو أي نفع و ضر ابتلاء و امتحاناً إلهياً، فلا يَدعوه تواتُرُ النِعَم عليه إلى الطغيان وإكثار الفساد والعلوّ والاستكبار، ولا يُوقِعُه الفَقر والفقدان في الكُفر وترك الشكر، بل هو في مُستقرّ من العبودية لا ينحرف عن مُستقيم صراطه بإفراطٍ أو تفريطٍ.

  قوله تعالى: ﴿ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ﴾
خطابٌ ظرفُه جميع يوم القيامة من لَدُن إحيائها إلى استقرارها في الجنة، بل من حين نزول المَوت إلى دخول جنّة الخلد، وليس خطاباً واقعاً بعدَ الحساب كما ذكره بعضهم.
وتوصيفُها بالراضيّة لأنّ اطمئنانها إلى ربها يستلزم رضاها بما قَدَّرَ وقضى تكويناً أو حَكَمَ به تشريعاً، فلا تسخطها سانحةٌ ولا تُزيغُها مَعصيةٌ، و إذا رضِيَ العَبدُ من ربّه رَضِيَ الرَّبُ منه إذ لا يسخطه تعالى إلا خروج العبد من زِيّ العبودية، فإذا لَزِمَ طريق العبودية استوجبَ ذلك رضى ربّه و لذا عَقَّبَ قوله ﴿ رَاضِيَةً ﴾ بقوله ﴿ مَّرْضِيَّةً ﴾ .

  قوله تعالى: ﴿ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾
تفريع على قوله «ارجعي إلى ربك» و فيه دلالةٌ على أنّ صاحب النفس المُطمئنة في زُمرَةِ عِباد الله حائِزٌ مَقام العُبُوديّة.
وذلك أنّه لمّا اطمأنّ إلى ربّه انقطع عن دَعوى الاستقلال و رضيَ بما هو الحق من ربّه، فرأى ذاته و صفاته و أفعاله مُلكاً طَلقاً لربّه، فلم يَرُدّ فيما قَدَّرَ و قضى ولا فيما أَمَرَ ونَهَي إلا ما أرادَه رَبّه، و هذا ظهورُ العبودية التامّة في العبد.
ففي قوله: ﴿ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ﴾ تقريرٌ لمقامِ عبوديّتها.
وفي قوله: ﴿ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ تعيينٌ لمُستقرّها، وفي إضافة الجنّة إلى ضميرِ التَكَلُّم تشريفٌ خاصٌ، ولا يوجد في كلامه تعالى إضافةُ الجَنّة إلى نفسه تعالى و تقدس إلاّ في هذه الآية.

  وفي تفسير القمي، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً ﴾ قال: هي الزلزلة.

  وفي الدر المنثور، أخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): هل تدرون ما تفسير هذه الآية ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ ﴾ إلى قوله ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ﴾ قال: إذا كان يوم القيامة تُقادُ جهنم بسبعين ألف زمام بيد سبعين ألف ملك، فتشرد شردة لولا أنّ الله حَبَسها لأحرَقت السماوات و الأرض.

  وفي العيون، في باب ما جاء عن الرضا من أخبار التوحيد بإسناده عن علي بن فضال عن أبيه قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: ﴿ وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ﴾ فقال: إن الله سبحانه لا يُوصف بالمَجيء والذهاب، تعالى عن الإنتقال، إنّما يعني بذلك: وجاء أمر ربّك.

  وفي الكافي، بإسناده عن سدير الصيرفي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جُعلتُ فِداكَ يا ابن رسول الله، هل يُكْرَهُ المُؤمن على قبض روحه؟
قال: لا والله إنه إذا أتاه ملك الموت ليقبض روحه جزع عند ذلك فيقول ملك الموت: يا وَلِيّ الله لا تجزع فوالذي بعثَ مُحمداً لأني أبرّ بك وأشفق عليك من والدٍ رحيمٍ لو حَضَرَك، افتح عينيك فانظر.
قال: ويَمْثُل له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم (عليهم السلام) فيُقال له: هذا رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة (عليهم السلام) رفقاؤك.
قال: فيفتح عينيه فيَنظر فيُنادي روحه مُنادٍ من قِبَل رَبّ العِزّة فيقول:
يا أيتها النفس المطمئنة إلى مُحمدٍ وأهل بيته، ارجعي إلى ربّك راضيةً بالولايةِ مَرضيّة بالثواب، فادخُلي في عبادي يعني محمداً وأهل بيته، وادخُلي جَنتي. فما من شيء أحبُ إليه من استلال روحه واللحوقِ بالمُنادي.

  والحمد لله رب العالمين.

2/9/2013
حسين محمد المظلوم


هنا إعلان هذا الموضوع على صفحتنا في الفايسبوك.