بالنسبة لـ (تفسير البرهان) فنحن نلتزم ما ورد في (تحف العقول) وابن بابويه القمي والشيخ المفيد غير موّثّقين عندنا، ولا نرفض كل ما أورداه، بل يجب التحقق من الحديث وفق النهج العلوي...

أُضيف بتاريخ الأثنين, 29/08/2011 - 21:43

المرسل: فاطمة \17\08\2011م

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله كما هو لأهله... وصلى الله عى محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين علينا من ذكرهم السلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما رأي سادتي الكرام ب "تفسير البرهان"؟ واريد ان اوضح سبب السؤال


في تفسير البرهان/الجزء الثالث/الطبعة الثانية/مؤسسة الاعلمي للمطبوعات/1427 ه-2006 م/ الصفحة 349
ورد في تفسير الآية رقم /70/ للشيخ المفيد في كتاب الاختصاص كلاماً منسوباً لمولانا الامام موسى بن جعفر علينا من ذكره السلام عبارة"ما كان علمه عندي أجبتك فيه" ما لم استطع فهمه أو تقبله على أن رواية الشيخ المفيد من بدايتها أجدها بعيدة عن نهج و سياق خطاب الأئمة علينا من ذكرهم السلام


وكذلك في الصفحة /352/
ورد في تفسير الآية رقم /72/ لابن بابويه كلاما منسوبا لمولانا الإمام موسى بن جعفر علينا من ذكره السلام يخاطب فيه هارون الرشيد بعبارة" جعلني الله فداك" فلم استطع تقبل ذلك
هل يمكن ان يصدر عن أحد من أئمتنا علينا من ذكرهم السلام مثل هذه العبارات؟
ما راي سادتي الكرام بالشيخ المفيد و ابن بابويه؟
جزاكم الله كل خير واعلى مراتبكم وبلّغكم مبتغاكم. 1

الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وآل بيته المعصومين.

الأخت الفاضلة الآنسة فاطمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  لا يوجد في كتب التفسير ما يُعتمد بالكلية حتى وإن نوّهنا على بعض التفاسير في سؤال سابق فهذا لا يعني اعتمادها بالكُلية والتسليم البديهي، بل نأخذ من هذه الكتب ما فُسّر بالأثر الصحيح، وأعني بالأثر: هو ما ورد عن المعصومين لعدم جواز تفسير كلام الله بالرأي، وأعني بالصحيح: ما تيقنا قطعية صدوره عنهم.

  وبالعودة إلى سبب السؤال:

  • فمن حيث الكلية: فلا نقبل ما يخدش عصمة المعصوم، بمعنى أنّ أي كلام يُروى عن المعصوم لا يَليق بمقامه فإنّه يُصنف في باب الوَضع.
    وهناك بعض الكلام يُصنف في باب التقية، وهذا النوع يختلف عمّا ذكرتيه، ومثاله بعض ما ورد عنهم مما يوافق العامة فقد قالوه على جهة التقية لورود ما يُناقضه عن نفس الإمام.

  • أما من حيث الجزئية: حول الحديث الأول فقد كان حديث الإمام مع هارون الرشيد الذي أحضره موجهاً إليه مجموعة من الاتهامات يريد من خلالها النيل منه، وقد أكدّ الإمام براءته منها وحين نفى الإمام تلك المزاعم سأله هارون الرشيد فكان جواب الإمام ما ذكرتيه حيث قال له: ما كان علمه عندي أجبتك فيه.

    فهذا القول في حال قاله الإمام فإنه لا يَخدش في عصمته أو يُقلل من عظمته العلمية فالسائل غير مُوال، وهو لا يسأل مستفهماً بل يسأل تعنتاً وغايته عدائية معروفة ومع ذلك فقد أجابه الإمام عن كُلّيَة مسائله.

    فهذه الكلمة لا يقولها الإمام لأحد من مواليه بل يقولها لمن أنكر إمامته، وهي تفيد أنّ الإمام إما أن يُجيب أو لا يُجيب، وفي حال عدم الإجابة فلا يعنى عدم المعرفة بل عدم استحقاق السائل، وهذا المنطق يستعمله العلماء في بعض الأحيان، وبالنتيجة فعلم الإمام من علم النبي فلا يعزب عليه شيئاً من العلم المبذول، أما المكفوف فهو علم الغيب الذي أنفرد الله به.

      ومع بيان ما تقدم مع فرضية أن الإمام قال هذه الكلمة نعود إلى تحقيق الرواية فقد أتى عليها الثقة الجليل ابن شعبة الحراني في كتابه (تحف العقول) دون ذكر هذه العبارة! مِمّا يَدل على أنها أُدخلت على الحديث لغايةٍ ما! ومع تيقني بأنها وضعية فقد علّلتُها بتجرّد وموضوعية.

    أما اضطراب هذا الخبر فيعود إلى راويه فأكثره غير موجود في رواية ابن شعبة، وعند المُفيد نجد زيادات على ما ورد في (التُحَف) وفي كل الأحوال فنحن نلتزم ما ورد في (تحف العقول) .

      أما الخبر الثاني فأنا على يقين بأنه موضوع، والموضوع على قسمين: كُلّي وجزئي، بمعنى وضع حديث كامل على المعصومين أو وضع جزء أو أجزاء في حديثٍ صحيحٍ فيضطرب الحديث ويَغرب معناه ولا يُفهم مُؤَدّاه.

    فابن بابويه القمي والشيخ المفيد مع احترامنا لعلمهما فغير موّثّقين عندنا، وهذا لا يعني أن نرفض كل ما أورداه، بل يجب التحقق من الحديث وفق النهج العلوي .

    ودمت بخير

    26\\2011
    حسين محمد المظلوم