تفسير الآية الكريمة (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ).. علاقة الحياة الباقية المُعَبَّر عنها بـ(الحيوان) بالوجودات الأربعة...

أُضيف بتاريخ الجمعة, 11/11/2011 - 13:49

المرسل: louay \تشرين ثاني\08\2011م

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
﴿ وَمَا هَـٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ العنكبوت\64
سؤالي بخصوص كلمة (الْحَيَوَانُ) هذه الكلمة لها موجودات خارجية وكذلك موجودات ذهنية وكذلك موجودات لفظية وموجودات كتابيه
فما علاقة او ارتباط هذة الكلمة اي الحيوان مع الموجودات الخارجية الذهنية اللفظية والكتابية
ثانيا: العلاقة بين هذه الموجودات والحيوان مع الدار الاخرة
والسلام1
الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين.

الأخ الكريم السيد لؤي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  هذه الآية واضحة المعنى، وتُفسّر نفسها بنفسها لوضوح ألفاظها، باستثناء الكلمة التي سألت عنها ( الحيوان ).

﴿ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ ﴾ يعني: الجنة ﴿ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ﴾ أي: الحياة على الحقيقة، لأنها الدائمة الباقية التي لا زوال لها ولا موت فيها، وتقديره إن الدار الآخرة لهي دار الحيوان أي الحياة الباقية، ولفظ (الحيوان) أصلها الحَي، والواو والألف والنون للمُبالغة الدالة على عدم الإنقطاع، في مقابلة الحياة الدنيا المحدودة الأجَل.

  أما سؤالكَ عن هذه الكلمة وموجوداتها الأربعة، فهي: (وجودات)، كما قرّرها علماء المنطق وليست موجودات، وهي:

  • وجود خارجي، وهو الوجود الحقيقي المتمثل في الوجود العيني الخارجي للأشياء وهو الذي يترتب الأثر عليه، فلو كنت جائعاً ثم أحضرت في ذهنك معنى الطعام فلا يرتفع الجوع حتى تُحضر الطعام الخارجي الحقيقي.
  • وجود ذهني، وهو علمنا بالأشياء الخارجية وغيرها من المفاهيم، وهو لا يختلف من أُمّة إلى أخرى وليس مُرتبطاً بوَضعِ واضعٍ أو باعتبارِ مُعتبرٍ، ومثاله: الصورة الذهنية للطعام.
  • وجود لفظي، وهو الحاكي للمعنى وذلك لسهولة التخاطب والتعلم، وهو يختلف من أمّة إلى أخرى، كما أنه مرتبطٌ بوضعِ واضِعٍ أو باعتبارِ مُعتبرٍ، ومثاله: لفظُ الطعام.
  • وجود كتابي، وهو نفس الألفاظ ولكنه مكتوب، ويُستخدم للتخاطب مع الغائبين، وهو يختلف من أمّة إلى أخرى ويرتبطُ بوضعِ واضعٍ، ومثاله: لفظ الطعام المكتوب على الورق.

فالوجود الذهني واللفظي والكتابي وجودها اعتباري مجازي، وهم مداخل إلى الحقيقة الخارجية ومقدمات وتصورات مختلفة لها.

  فإذا فُهِمَ ذلك نقول: إنّ علاقة الحياة الباقية المُعَبَّر عنها بـ(الحيوان) بهذه الوجودات الأربعة هو التالي:

فقد عرفنا وجود حياة باقية بواسطة الكتب السماوية، فهذا هو الوجود الكتابي المُحكم الذي لا ريب فيه.
وحَدّثنا عنها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا الوجود اللفظي.
وتصورناها ذهنياً كما وصفها الكتاب الكريم والسُنّة النبوية، وهذا هو الوجود الذهني التصوُّري.
أما مشاهدتها في الدنياً من حيث الوجود الحقيقي الخارجي فمُمتنِع لكثافَةِ التركيب والمُغايرة بين العَالَمَين.

وفي الدار الآخرة فيُستغنى عن الوجودات الثلاث: اللفظي والكتابي والذهني، لتحقّق الوجود الحقيقي، لأن ثبَات التصديق يُغني عن التصوّر الذي يتأخّر عنه، وعند الحكماء: فلا أَثَرَ بَعدَ عَين.

حسين محمد المظلوم
9\11\2011