الفرق بين الموت والقتل.. الثواب والعقاب بعد الموت.. تفسير الآية الكريمة: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ .. الرسالة باقيةٌ ببقاء كَمَالها، وكَمَالُها الإمَامَةُ...

أُضيف بتاريخ السبت, 15/10/2011 - 05:08

المرسل: فاطمة 07\10\2011م

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين... الحمد لله كما هو أهله...
الحمد لله الحي الذي لا يموت... الحمد لله الحي القيوم...
وصلى الله على سيدنا محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين ومن تبعهم ووالاهم إلى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حضرة العالم الجليل....
  1. ما هو الموت؟
  2. كيف يكون العقاب والثواب بعد الموت؟
  3. ما الفرق بين الموت والقتل؟
  4. ما تأويل الآية الكريمة التالية؟
    قال الله تعالى في كتابه الكريم ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾

نفّعنا الله بعلمكم ودمتم بخير إنشاء الله تعالى
والحمد لله رب العالمين 1

الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله.

  الموت ينفي الحياة مع سلامة البُنيَة، وهو عَرَضٌ يضاد الحياة مُضادة الروح ولا يكون إلا من فِعل الله.
والمُراد بنفي الحياة مع سلامة البنية: أي خروج الروح دون أن تُصاب البُنية الجسدية بأيّ عارضٍ خارجي أدّى إلى الموت، كمن يموت دون سابق مرضٍ.
أما القتل فهو نَقضُ البُنية، ولا يُقال له قتلٌ إلا إذا كان مِن فِعل آدميٍّ أخر قام بهذا الفعل، فالقتل إماتة الحَركة، والقاتل هو المُسبب في الموت، والذي أَمَاتَ في الحقيقة فهو الله، وهذا الفرق بين الموت والقتل.

  أما كيفية الثواب والعقاب بعد الموت فكلٌ يُحشر مع من يُحبّ ويتولّى ليُجازى على عمله، فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره: ﴿ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾ [آل عمران:182]، فالمؤمنون في حُجُراتٍ في الجنة يأكلون من طعامها، ويَشربون من شرابها، ويقولون: ربنا أتمِمْ لنا الساعة وأنجز ما وعدتنا، والكافرون في النار يُعذّبون، يقولون: لا تُقم لنا الساعة ولا تُنجز لنا ما وعدتنا، كما رُويَ عن المولى الصادق عليه السلام. وهذه المَرحلة تُسمّى بالحياة البرزخية وهي النشأة التي يعيش فيها الإنسان بعد الموت وقبل البعث.

  أما تفسير الآية الكريمة:
﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران:144].

فقد نزلت في معركة أُحد بسبب الصيحة التي ارتفعت في ذروة القتال أنّ محمداً قد قُتل، مُتزامنةً مع اللحظة التي رَمَى بها عمرو بن قمئة الحارثي النبي صلى الله عليه وآله بحجرٍ فكسَرَ رُباعيته وشجّهُ في وجهه، فغطّى الدم وجهَهُ الشريف، ولكن مصعب بن عمير العبدي رضوان الله عليه حامل راية النبي ذّبَ عنه حتى استشهد، فتوهّم العَدُوّ أنّ النبي قُتِلَ ولهذا صيح بذلك.
ترك هذا الخبر أثراً سلبياً في نفوس المسلمين وأسرع بعضهم في الخروج من القتال، وفكّرَ آخرون بالإرتدادِ، باستثناء أقليّةٍ يتقدَّمُهُم أمير المؤمنين عليه السلام من الذين أصرّوا على القتال ودَعوا الناس إلى الثبات، وما لبث إلاّ قليلاً حتى تبين الأمرُ، فنزلت هذه الآية الكريمة وفيها توبيخٌ لضعافِ النفوس.

  فهذه الآية تُبَيّنُ لنا أنّ الموتَ غيرُ القتل، وبيان ذلك: (فإن أماته الله، أو قتله الكافرون)، فالموت هو فعل الله لقوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ . فتأملِ.

  ونَستدلُّ من هذه الآية على خلود الدين الإسلامي، وإنّ هذا الخلود غيرُ مَوقوفٍ على بقاء النبي صلى الله عليه وآله، لأن النبي بَلَّغَ الرسالة بأمانةٍ وأرسى قواعدها، وإنّ على المسلمين أن يُرَسّخوها في وجدانهم لا أن يَنقلبوا على أعقابِهم لمُجَرّد سماعهم أنّ النبي استشهد في هذه المعركة أو تلك، أو لمجرد أن يَقبضه الله إليه فيَرتدّون وكأنّ الرسالة انقطعت بمُضِيِّهِ.

  وفي منهاجنا، فإنّ الرسالة باقيةٌ ببقاء كَمَالها، وكَمَالُها الإمَامَةُ المُمتدّة إلى صاحب الزمان عليه السلام.

  والحمد لله رب العالمين.

حسين محمد المظلوم
9\10\2011